منوعات

كيف اختفى طاقم سفينة “دي جراشيا” في البحر في ظروف غامضة

 

في صباح شتوي بارد من عام 1872، كانت الرياح تعصف بأمواج المحيط الأطلسي، فيما كانت سفينة بريطانية تُدعى “دي جراشيا” تبحر بهدوء عبر البحر.

فجأة، لاحظ القبطان والطاقم سفينة أخرى تتمايل بعيدًا في الأفق. بدت غريبة، وكأنها بلا طاقم يوجهها. كانت هذه السفينة هي “ماري سليست”.

بداية الرحلة

ماري سليست كانت سفينة شراعية أمريكية بنيت في كندا عام 1861. في 7 نوفمبر 1872، انطلقت السفينة من ميناء نيويورك بقيادة القبطان بنيامين بريجز، وهو رجل محترم ومعروف بحسن قيادته.
كان برفقته زوجته سارة وابنتهما الصغيرة صوفيا، بالإضافة إلى طاقم مكون من سبعة بحارة ذوي خبرة. السفينة كانت محملة بـ 1701 برميل من الكحول الصناعي، وهي شحنة كان يُفترض تسليمها إلى جنوة في إيطاليا.

آخر اتصال بالسفينة

كل شيء بدا طبيعيًا حتى وصلوا إلى وسط المحيط الأطلسي. وفقًا للمذكرة الأخيرة التي تركها القبطان بريجز في دفتر يوميات السفينة، كان الطقس جيدًا والملاحة تسير بسلاسة. آخر إدخال كان في 24 نوفمبر 1872، عندما كانت السفينة على بعد حوالي 400 ميل من جزر الأزور. بعد ذلك، اختفى الطاقم دون أي تفسير.

اكتشاف السفينة

بعد عشرة أيام، في 4 ديسمبر 1872، شاهدت السفينة البريطانية دي جراشيا “ماري سليست” وهي تتمايل بشكل غريب في المياه على بعد حوالي 600 ميل غرب جزر البرتغال. قبطان “دي جراشيا”، ديفيد مورهاوس، كان يعرف قبطان ماري سليست، بنيامين بريجز، شخصيًا، لذلك تفاجأ بشدة عندما اكتشف أن السفينة كانت تبحر بلا طاقم.

صعد طاقم “دي جراشيا” على متن ماري سليست ليجدوا السفينة سليمة تقريبًا، باستثناء بعض الأمور المثيرة للريبة. كانت كميات الطعام والشراب كافية، وهناك ملابس وأغراض الطاقم كما هي. المثير للدهشة أن السفينة لم تكن في حالة عواصف، ولم تكن هناك أي دلائل على حدوث نزاع أو معركة. لكن ما أدهش الطاقم أن زورق النجاة الوحيد كان مفقودًا، وكان بعض الحبال التي كانت تستخدم لتثبيت الزورق متدلية على جانب السفينة، وكأن الطاقم قد غادر على عجل.تفاصيل غامضة على متن السفينة
الأحذية المبتلة: عُثر على بعض الأحذية وهي مبتلة، مما أثار الحيرة حول إمكانية أن يكون الطاقم قد غادر السفينة في ظروف بحرية قاسية.
المضخة المفقودة: إحدى المضخات التي تستخدم لتفريغ المياه من السفينة كانت مفقودة أو محطمة، وكان هناك قليل من الماء في أسفل السفينة. قد يكون الطاقم قد اعتقد أن السفينة كانت تغرق، على الرغم من أنها لم تكن في خطر وشيك.
خريطة البحر ممزقة: بعض خرائط الرحلة البحرية كانت ممزقة، وكأن القبطان أو أحد أفراد الطاقم كان يحاول بشكل محموم تغيير مسار الرحلة أو كان يبحث عن حل سريع لمشكلة طارئة.
ماري سليست استمرت في الإبحار بعد حادثة الاختفاء، وتم بيعها عدة مرات. لكن يبدو أن السفينة حملت لعنة الغموض معها. ففي عام 1885، انتهى بها المطاف إلى التحطم على ساحل هايتي، عندما حاول مالكها آنذاك غش شركات التأمين بغرقها عمدًا، لكن الخطط فشلت، وانتهت السفينة في قاع المحيط إلى الأبد.

النظريات المتداولة

1. نظرية الكحول المتسرب: واحدة من أكثر النظريات قبولاً هي أن براميل الكحول التي كانت تحملها السفينة قد تسربت. الكحول الصناعي شديد الخطورة وقابل للاشتعال. قد يكون الطاقم قد شعر بالذعر بسبب الأبخرة الناتجة عن تسرب البراميل، خاصة إذا خافوا من احتمال حدوث انفجار. هذا ربما دفعهم إلى مغادرة السفينة في زورق النجاة بسرعة.

2. عاصفة بحرية أو موجة مفاجئة: من الممكن أن تكون السفينة قد واجهت موجة عالية بشكل مفاجئ أو تغيرات مفاجئة في الطقس. ربما اعتقد الطاقم أن السفينة في خطر، وقرروا إخلاءها. ولكن ما يثير الاستغراب أن السفينة كانت بحالة جيدة نسبيًا عندما وُجدت.

3. التمرد أو الجريمة: هناك من يعتقد أن أحد أفراد الطاقم قد تمرد أو حدثت جريمة على متن السفينة. لكن عدم وجود أي علامات عنف أو أي أدلة تشير إلى حدوث نزاع يجعل هذه النظرية ضعيفة.

4. القرصنة: بالرغم من شيوع القرصنة في تلك الفترة، إلا أن السفينة لم تتعرض للسرقة. الأموال والكنوز الشخصية بقيت في مكانها، ما يجعل هذه النظرية غير مرجحة.

5. مخلوقات البحر أو الكائنات الفضائية: نظريات أكثر غرابة تشمل التكهنات بتعرض السفينة لهجوم من مخلوقات بحرية ضخمة، أو حتى تدخل كائنات فضائية. رغم أنها أفكار تثير الخيال، إلا أنه لا يوجد أي دليل يدعمها.آخر اتصال بالسفينة
كل شيء بدا طبيعيًا حتى وصلوا إلى وسط المحيط الأطلسي. وفقًا للمذكرة الأخيرة التي تركها القبطان بريجز في دفتر يوميات السفينة، كان الطقس جيدًا والملاحة تسير بسلاسة. آخر إدخال كان في 24 نوفمبر 1872، عندما كانت السفينة على بعد حوالي 400 ميل من جزر الأزور. بعد ذلك، اختفى الطاقم دون أي تفسير.

إرث السفينة

قصة ماري سليست ألهمت العديد من الكتب والأفلام، وتحولت إلى أسطورة بحرية. ورغم مرور أكثر من 150 عامًا على
هذا اللغز، فإنه يظل أحد أكثر الألغاز التي لم تُحل في تاريخ البحار
عند فحص السفينة، وجد الطاقم أن المؤن كانت في مكانها، والطعام يكفي لشهور، وحتى الأغراض الشخصية للبحارة كانت موجودة، بما في ذلك المجوهرات والنقود. لكن أغرب ما في الأمر أن زورق النجاة الوحيد للسفينة كان مفقودًا، وكأن الطاقم قد غادر السفينة في عجلة من أمره.

المذكرات البحرية للقبطان بريجز سجلت آخر مرة في 24 نوفمبر، ولم تكن هناك أي إشارة إلى مشاكل أو ظروف غير طبيعية. فما الذي جعل الطاقم يغادر السفينة بشكل مفاجئ؟

إنه لغز البحر المفتوح، لغز السفينة التي سافرت دون طاقم، وتركت وراءها أسئلة بلا أجوبة، تبحر في خيالنا حتى اليوم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى